العَفُوّ
العَفُوّ
العفُوُّ: هو الذي يَمْحُو السَّيِّئاتِ، ويَتَجاوَزُ عن المعاصي.
قال ابنُ تيمية: (فالعَفُوُّ مُتَضَمِّنٌ لإسقاطِ حقِّهِ قِبَلهم، ومُسامحتِهِم بِهِ). وقال ابنُ القيم: (وهو العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى...). وقال الشيخُ السعديُّ: ([الذي] يَعْفُو عن زَلَّاتِ عِبادِهِ وذُنُوبِهِم العَظيمةِ، فَيَسْدِلُ عليهِم سِتْرَه، ثُمّ يُعامِلُهُم بعفوِهِ التَّامِّ الصادرِ عن قدرتِهِ).
اسمُ (العَفُوّ) مِن الأسماءِ الثابتةِ للهِ تعالى، وقد ذَكَرَهُ أَغْلَبُ مَن كَتَبَ في الأسماءِ الحُسنى.
وَرَدَ ذِكْرُ اسمِ (العَفُوّ) في القرآنِ الكريمِ (5) مَرّاتٍ، منها: قوله تعالى: {إن الله كان عفوًّا غفورًا} [النساء:43]، وقوله تعالى: {وكان الله عفوًّا غفورًا } [النساء:99]، وقوله تعالى: {فإنّ الله كان عفوًّا قديرًا} [ص:149]. أَمَّا في السُّنَّة: فَعَن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ عَلِمْتُ أيّ لَيلَةٍ ليلة القَدْرِ ما أقولُ فيها؟ قال: (قولي: اللهم إِنّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَني) أخرجه الترمذي في سننه برقم (3513) وصححه الألباني فيها.
1- مَنْ دَعا اللهَ تعالى بأسمائِهِ الحُسنى فَلْيسألْه في كلِّ مَطلوبٍ ويَتَوسل إليهِ بالاسمِ المُقْتَضِي لذلك المطلوبِ المُناسِبِ لِحُصُولِهِ، ومِن ذلك قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لعائشةَ وقد سَألتْهُ ما تدعو به إنْ وافقتْ ليلةَ القَدْرِ: "قولي: اللهم إنك عَفُوٌّ تُحبُّ العَفْوَ فاعفُ عني". 2- كونُ اللهِ تعالى هو العَفُوّ، وأنّه يُحبُّ العَفْوَ لا يُوجِبُ هذا ألّا يكونَ في بَعضِ أنواعِ العَفْوِ مِن المُعارِِضِ الرَّاجِحِ ما يُعارِضُ ما فيه مِن مَحَبّةِ العفو، ولولا ذلك لكان يَنْبَغي على اللهِ أنْ يَعفو عن كلِّ مُحرّم، فلا يعاقب مُشْرِكًا ولا فاجرًا لا في الدنيا ولا في الآخرة، وهذا خِلافُ الواقع، ولَوَجَبَ أن يستحب لنا العَفو عن كُلِّ كافرٍ وفاجرٍ فلا نُعاقبُ أحدًا على شيء، وهذا خِلافُ ما أُمِرْنا به وخِلافُ ما هو صلاحٌ لنا ونافعٌ في الدنيا والآخرة. 3- تَأوَّلَ المُعَطِّلَةُ اسمِ (العَفُوّ) بأنّه الذي يَعفو عن العِبادِ دونَ أن يَقُومَ بِهِ فِعْلٌ، أو يُوصف بِشيءٍ، وهذا القولُ باطلٌ، لأنّ العَفُوَّ هو مَن قامتْ بِهِ صِفَةُ العَفو، فأَسماءُ اللهِ لَيستْ أَعلامًا مَحْضَةً، فهي من حيثُ دلالتُها على ذات الله تعالى أعلامٌ، ومِن حيثُ دلالتُها على الصَّفةِ التي يَتَضَمَّنُها هذا الاسم أوصافٌ. 4- الفرقُ بين العَفُوِّ والغَفُور: أنَّ العَفُوُّ هو الذي يَمْحُو السيئات، ويَتَجاوزُ عن المعاصي، وهو قريبٌ من الغَفُور ولكنّ الغفران يُنْبِئُ عن السِّتْر، والعَفو ينبئ عن المَحْوِ.
- جهود ابن قيم الجوزية في توحيد الأسماء والصفات لوليد بن محمد بن عبد الله العلي، الطبعة الأولى، دار المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة. - النهج الأسمى شرح الأسماء الحسنى لمحمد الحمود النجدي، مكتبة الإمام الذهبي. - جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في باب أسماء الله الحسنى لأرزقي بن محمد سعيدي. - معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى لمحمد بن خليفة التميمي، الطبعة الأولى، دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع. - تفسير أسماء الله الحسنى، طبعة: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد 112 - السنة 33 -1421هـ. - بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية، دار عالم الفوائد. - منهج ابن القيم في شرح الأسماء الحسنى لمشرف الغامدي، رسالة ماجستير بجامعة أم القرى. - فقه الأسماء الحسنى لعبد الرزاق البدر، مطابع الحميضي. - شرح أسماء الله الحسنى لسعيد بن وهف القحطاني، دار الإيمان للطبع والنشر والتوزيع. - الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية لابن قيم الجوزية، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع.