السَّمِيْع
السَّمِيْع
السَّمِيْع: الذي يُدْرِكُ جميعَ المَسموعات، فهو يَسمعُ السِّرَّ والنَّجوى، سواء عنده الجَهْر والخُفُوت، والنُّطْق والسُّكُوت.
قال ابنُ تيمية: (يَسمعُ ضجيجَ الأصوات، باختلافِ اللغات، على تَفَنُّنِ الحاجات، لا يَشغَلُهُ سَمْعٌ عن سَمع، ولا تُغلطه المسائل، ولا يَتَبَرَّمُ بإلحاحِ المُلِحِّين). قال ابنُ القيم: (السَّمِيع الذي قد استوى في سمعِهِ سِرُّ القَولِ وجَهْرِهِ، ووَسِعَ سَمعُهُ الأصوات). قال الشيخُ السعدي: (السميعُ الذي يَسمعُ جميعَ الأصواتِ باختلافِ اللغاتِ على تفننِ الحاجات، فالسِّرُّ عنده علانيةٌ، والبعيدُ عنده قَريبٌ).
اسمُ (السَّمِيْع) مِن الأسماءِ الثابِتةِ للهِ تعالى، وقد ذَكَرَهُ أَغْلَبُ مَن كَتَبَ في الأسماءِ الحُسنى.
وَرَدَ ذِكْرُ اسمِ (السَّمِيْع) في القرآنِ الكريمِ (45) مَرَّةً، منها: قوله تعالى: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} [البقرة:127]. قوله تعالى: {وهو السميع البصير} [الشورى: من الآية11]. وقوله تعالى: {والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} [المجادلة:1]. وأَمَّا في السُّنَّة: فَحَديثُ سُلَيمِ بنِ جُبَيْر مَولى أبي هريرة قال: سمعتُ أبا هريرةَ رضي الله عنه يَقرأُ هذه الآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} إلى قوله تعالى: {سميعًا بصيرًا} قال: (رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَضَعُ إبهامَه على أُذُنِهِ، والتي تليها على عينِهِ) قال أبو هريرة: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه. قال ابنُ يُونُس: قال المقرئ: يعني: إن الله سميع بصير، يعني أن لله سمعًا وبصرًا، قال أبو داود: وهذا ردٌّ على الجهمية. رواه أبوداود برقم (4728).
1- صِفَةُ السَّمْعِ وَرَدَتْ في الآياتِ بصِيَغِ اشتِقاقٍ متعددة، وهي: سَمِع، ويَسْمَع، وسَمِيع، وأَسْمَع، فهو صفة حقيقية لله، يُدْرِك بها الأصوات. 2- أسماءُ اللهِ تعالى إنْ دَلَّتْ على وصفٍ متعدٍّ تَضَمَّنت ثلاثةَ أمور: أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل، الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها الاسمُ لله عز وجل، الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها، مثال ذلك: اسم (السميع) يتضمن إثباتَ السميع اسمًا لله تعالى وإثباتَ السمع صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه، وهو أنه يَسمعُ السِّرَّ والنَّجوى، كما قال تعالى: {والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير}. وإنْ دَلَّتْ على وَصْفٍ غير متعدٍّ تضمنت أمرين: أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل، الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل، مثال ذلك: "الحي" يتضمن إثبات الحي اسمًا لله عز وجل وإثبات الحياة صفة له. 3- السَّمْعُ إذا وَرَدَ في النُّصُوصِ يُراد بِهِ السَّمْعُ العامُّ، الذي هو إدراكُ المَسْموعات، ويُرادُ بِهِ أحيانًا السَّمْعُ الخاصُّ، وهو سَمْعُ الإِجابة، فَسَمْعُ الإدراكِ يَتَعدَّى بنفسِهِ، وأمَّا سَمْعُ الإجابةِ فَيَتعدَّى باللام، نحو سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه؛ لِتَضَمُّنِهِ معنى: استجابَ له. 4- تَأوَّلَ المُعَطِّلَة اسمَ (السميع) بِأنَّه العَلِيم، وقالوا: لا يَجوزُ وَصْفُ اللهِ بأنّه سَميعٌ بِسَمْع، وهذا الذي قرروه باطلٌ؛ لأنّه خلاف معناه اللغوي ولا يوجد صارفٌ له عن حقيقته، ولأن اللهَ تعالى فَرَّقَ بين اسمِ السميعِ والعَلِيمِ في آياتٍ كثيرةٍ، فلا يَجوزُ أنْ يُرادَ بِالسَّمْعِ مُجَرَّد العِلْمِ بِما يَسمعُ ويَرى.
- جهود ابن قيم الجوزية في توحيد الأسماء والصفات لوليد بن محمد بن عبد الله العلي، الطبعة الأولى، دار المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة. - النهج الأسمى شرح الأسماء الحسنى لمحمد الحمود النجدي، مكتبة الإمام الذهبي. - جهود شيخ الإسلام ابن تيمية في باب أسماء الله الحسنى لأرزقي بن محمد سعيدي. - معتقد أهل السنة والجماعة في أسماء الله الحسنى لمحمد بن خليفة التميمي، الطبعة الأولى، دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع. - تفسير أسماء الله الحسنى، طبعة: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد 112 - السنة 33 -1421هـ. -شرح العقيدة الواسطية لمحمد بن خليل حسن هرّاس، دار الهجرة للنشر والتوزيع. - القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى لمحمد بن صالح العثيمين، طبع بإشراف مؤسسة الشيخ. - منهج الإمام ابن القيم في شرح اسماء الله الحسنى لمشرف الغامدي، رسالة ماجستير بجامعة أم القرى.